فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



كل ما اشتغلت به مما ليس فيه ضرر في الحال ولا منفعة في المال ولم يمنعك عن مهامّ امورك فهو لعب. فان شغلك عنها فهو لهو. ومن ثم يقال الات الملاهي. لأنها مشغلة عن غيرها. ويقال لما دون ذلك لعب كاللعب بالشّطرنج والنّرد والحمام. فيحفكم أي فيجهدكم بطلبها جميعا. والالحاف والاحفاء بلوغ الغاية في كل شىء يقال احفاه في المسالة: إذا لم يترك شيئا من الالحاح. أضغانكم: أي احقادكم. اهـ.. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
وهي مدنية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله اضل أعمالهم} (آية 1) روى أبو يحيى عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} قال اهل مكة {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال الأنصار {وأصلح بالهم} قال امرهم قال أبو جعفر معنى {اضل أعمالهم} ابطلها كما قال تعالى: {وقالوا ائذا ضللنا في الارض} والمعنى لم نثبهم كان على ما عملوا لكفرهم ومعنى (كفر عنهم سيئاتهم) غطى عليها ولم يؤاخذهم بما عملوا وقت كفرهم.
2- وقوله جل وعز: {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} (آية 3) المعنى كذلك يبين الله امر الحسنات والسيئات ومعنى ضربت له مثلا بينت له ضربا من الامثال أي نوعا منها.
3- ثم قال جل وعز: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} (آية 4) أي فاقتلوهم وذكرت الرقاب لأن القتل اكثر ما يقع بها.
4- ثم قال جل وعز: {حتى إذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق} (آية 4) قال سعيد بن جبير لا ينبغي ان يقع اسر حتى يثخن بالقتل في العدوكما قال جل وعز: {ما كان النبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض}.
5- ثم قال جل وعز: {فاما منا بعد اما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} (آية 4) قال أبو جعفر في هذه الآية اختلاف قال ابن جريج كان عطاء يكره قتل الاسير صبرا لقول الله جل وعز: {فاما منا بعد واما فداء} وقال امنن اوفاد ولا تقتل وقال قتادة الآية منسوخة نسخها قوله تعالى: {فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم} وروى شعبة عن الحكم قال سالني مغيرة عن آية غامضة منسوخة وهي قوله تعالى: {فاما منا بعد واما فداء}.
وقال الضحاك هي ناسخة نسخت قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} قال أبو جعفر البين في الآية انها ليست بمنسوخة ولا ناسخة وانما هذا اباحة وكذلك القتل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل وفادى وذكر القتل في آية اخرى وهو {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فاجتزا بذلك.
6- وقوله جل وعز: {حتى تضع الحرب أوزارها} (آية 4) قال قتادة أي حتى يسلم اهل الشرك فسماهم حربا قال سعيد بن جبير ومجاهد في قوله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} حتى ينزل عيسى بن مريم فيكسر الصليب ويقتل الخنزير وتزو ل الاديان الا دين الإسلام وتكون الملة واحدة قال أبو جعفر فهذا قول في الآية أي حتى يضع اهل الحرب اوزارهم فيسلموا أو يسالموا وقيل يعني بالاوزار ههنا السلاح كما قال الشاعر:
واعددت للحرب أوزارها ** رماحا طوالا وخيلا ذكورا

والمعنى على هذا فشدوا الوثاق حتى تضع الحرب أوزارها فاما منا بعد واما فداء.
7- وقوله جل وعز: {ولكن ليبلوا بعضكم ببعض} (آية 4) أي ليمحص المؤمنين ويمحق الكافرين.
8- ثم قال جل وعز: {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} (آية 4) ويقرأ (قتلوا) و(قتلوا) و(قتلوا).
9- وقوله جل وعز: {سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم} (آية 6) في معناه ثلاثة اقوال: قال مجاهد عرفهم بيوتها ومساكنها وقسمهم منها فلا يغلط أحد منهم فيدخل إلى موضع غيره ولا يحتاج ان يستدل وقال سلمة بن كهيل (عرفها لهم) عرفهم طرقها فهذا قول وقيل (عرفها) طيبها وقيل (عرفها) رفعها قال أبو جعفر القول الأول وان كان بعض اهل اللغة قد انكره وقال لوكان كذا لقال عرفهم بها احسن الاقوال واصحها ولا يلزم هذا الرد والمعنى بينها لهم فتبينوها أو والقول الثاني ليس بممتنع لأنه يقال طعام معرف أي مطيب والقول الثالث: ماخوذ من العرف لارتفاعه وقيل أي عرف المكلفين من عباده بانها لهم.
10- وقوله جل وعز: {والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم} (آية 8) أي ممن ينبغي ان يقال لهم اتعسهم الله أي لا جبرهم وهذا يدعى به على العاثر وقال ثعلب التعس الشر قال وقيل هو البعد وانتكس قلب امره وافسد وقال البن السكيت التعس ان يخر على راسه قال والتعس ايضا الهلاك.
11- وقوله جل وعز: {دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها} (آية 10) قال مجاهد وللكافرين التدمير وعيدا من الله وقال غيره فقتل منهم من قتل بالسيف.
12- ثم قال جل وعز: {ذلك بان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم} (آية 11) قال قتادة أي ولي الذين آمنوا.
قال أبو جعفر وفي قراءة عبد الله كذلك وقال الشاعر:
فغدت كلا الفرجين تحسب انه ** مولى المخافة خلفها وامامها

أي ولي المخافة وروى سماك عن عكرمة عن ابن عباس (ذلك بان الله مولى الذين آمنوا) قال لا مولى لهم غيره.
قال قتادة نزلت هذه الآية يوم أحد والنبي صلى الله عليه وسلم في الشعب وقد اثخن في المسلمين بالقتل والجراح فصاح المشركون يوم بيوم بدر لنا العزى ولا عزى لكم فانزل الله جل وعز: {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} إلى قوله: {ذلك بان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم} فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا ولا مولى لكم وقتلانا احياء يرزقون في الجنة وقتلاكم في النار قال أبو جعفر والمعنى الله ولي الذين آمنوا في الهداية والنصرة فلما أخبر بو لايته المؤمنين وخذلأنه الكافرين اعلم بما اعده للمؤمنين والكافرين فقال: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار} أي منزل لهم {والذين كفروا يتمتعون وياكلون كما تاكل الأنعام والنار مثوى لهم} (آية 14).
13- ثم قال جل وعز: {وكأين من قرية هي اشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم} (آية 13) قال قتادة يعني اهل مكة قال فلا ناصر لهم.
14- ثم قال جل وعز: {افمن كان على بينة من ربه} (آية 14) قال قتادة هو محمد صلى الله عليه وسلم.
{كمن زين له سوء عمله} قال هم مشركوالعرب ثم قال (واتبعوا أهواءهم) على معنى (من).
15- ثم قال جل وعز: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن} (آية 15) ولم يأت بالمماثل في معناه ثلاثة اقوال:
ا- منها ان مثلا بمعنى صفة قال ذلك النضر بن شميل والفراء وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام انه قرأ {أمثال الجنة التي وعد المتقون} قال أبو جعفر فهذا قول ويكون على هذا (مثل) على معنى (مثل) ويكون فيه خلاف معناه كما ان في (عدل) خلاف معنى (عدل).
بـ:- وقيل المعنى مثل الجنة التي وعد المتقون فيما تعرفون في الدنيا جنة فيها أنهار.
ج- والقول الثالث ان المعنى على التوبيخ والتقرير أي مثل الجنة التي وعد المتقون كمن هو خالد في النار أي مثل المطيع عندكم كمثل العاصي؟
وروى معمر عن قتادة {من ماء غير آسن} قال غير منتن.
قال قتادة الاسن المتغير الاجن قال أبو جعفر قول قتادة اصح لأنه يقال أسن الماء يأسن وياسن فهو آسن واسن إذا انتن فلم يقدر أحد على شربه واجن ياجن وهو اجن إذا تغير وان كان شرب على كره.
16- وقوله جل وعز: {وانهار من خمر لذة للشاربين} (آية 15) يقال شراب لذيذ ولذ.
{وانهار من عسل مصفى} أي ليس كعسل الدنيا الذي فيه الشمع وغيره (و لهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم) أي ولهم مغفرة من ربهم ثم قال تعالى: {كمن هو خالد في النار}؟ قال أبو جعفر قد تقدم القول فيها وفيه قول آخر وهو ان المعنى امن يخلد في الجنة وفي هذا النعيم المذكور كمن هو خالد في النار ثم حذف هذا لعلم السامع كما قال تعالى: {امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما} وان كان قد قيل ان المعنى يا من هو قانت.
17- وقوله جل وعز: {ومنهم من يستمع إليك} (آية 16) قال قتادة هم المنافقون.
18- ثم قال تعالى: {حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال آنفًا} (آية 16) أي إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ثم خرجوا قالوا للمسلمين استهزاء (ماذا قال آنفًا) أي لم نلتفت إلى ما قال والمعنى ماذا قال الساعة أي في اقرب الاوقات الينا؟ من قولهم استانفت الشئ وروضة انف لم ترع.
19- وقوله جل وعز: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} (آية 17) المعنى زادهم الله هدى فيكون الضمير يعود على قوله (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) ويجوز ان يكون المعنى وزادهم قول النبي هدى ويجوز ان يكون المعنى وزادهم استهزاء المنافقين هدى ثم قال تعالى: {وآتاهم تقواهم} أي الهمهم ويجوز ان يكون المعنى ثواب تقواهم.
20- وقوله جل وعز: {فهل ينظرون الا الساعة ان تاتيهم بغتة فقد جاء أشراطها} (آية 18) أي فهل ينتظرون الا ان تاتيهم الساعة فجاة (فقد جاء أشراطها) قال الفراء أي علامتها الواحد شرط.
21- ثم قال جل وعز: {فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} (آية 18) قال قتادة أي فأنى لهم ان يتذكروا قال أبو جعفر فالمعنى على هذا فمن اين لهم منفعة الذكرى إذا جاءت الساعة وانقطعت التوبة؟
22- ثم قال جل وعز: {فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} (آية 19) والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لامته أي اثبتوا على هذا.
23- وقوله جل وعز: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال} (آية 20) قال قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة قال أبو جعفر وهذه آية مشكلة وفي قراءة عبد الله {واذا انزلت سورة محدثة} والمعنى واحد أي لم يقع عليها النسخ وذكر فيها القتال وانما كان المسلمون يقولون هذا لأنهم كانوا يانسون بنزول الوحي {رأيت الذين في قلوبهم مرض} أي ريب وشك.
{ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} أي نظر مغتاظين مغمومين كما قال تعالى: {وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم} وانما كانوا يكرهون ذكر القتال لأنهم إذا تاخروا عنه تبين نفاقهم فخافوا القتل.
ثم قال تعالى: {فأولى لهم} على التهديد وحقيقته وليهم المكروه أي أولى لهم المكروه والعرب تقول لكل من قارب الهلكة ثم افلت أولى لك أي كدت تهلك كما روي ان اعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول أولى لك رمى صيدا فقاربه ثم افلت منه فقال:
فلوكان (أولى) يطعم القوم صدتهم ** ولكن (أولى) تترك الناس جوعا

24- ثم قال تعالى: {طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} (آية 21) قال قتادة أي طاعة الله وقول بالمعروف في حقائق الامور أي سمع وطاعة خير لهم وقال الخليل وسيبويه أي طاعة وقول معروف امثل.
وفي المعنى قول آخر وهو انه حكى ما كانوا يقولون قبل نزول القتال وقبل الفرض فالمعنى على هذا يقولون منا طاعة وقول معروف ويدل على صحة هذا القول {فإذا عزم الأمر} قال مجاهد أي جد الأمر قال أبو جعفر فالتقدير على هذا فإذا جد الأمر بفرض القتال كرهوا ذلك ثم حذف.
25- ثم قال جل وعز: {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} (آية 21) قال قتادة فلو صدقوا الله في الايمان والجهاد.
26- وقوله جل وعز: {فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم} (آية 22) قال بكر بن عبد الله المزني هؤلاء الحرورية قال محمد بن كعب أي فهل عسيتم ان توليتم الامور ان يقتل بعضكم بعضا كقتل قريش بني هاشم وكقتل بني هاشم قريشا وفي المعنى قول آخر وهو فهل تريدون ان توليتم عن النبي صلى الله عليه وسلم وكفرتم بما جاءكم به على ان ترجعوا إلى ما كنتم عليه من الكفر فتفسدوا في الارض بالكفر وتقطعوا أرحامكم بان تئدوا بناتكم؟ وقرأ علي بن أبي طالب عليه السلام {فهل عسيتم ان توليتم} أي ولي عليكم.
27- وقوله جل وعز: {ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم} (آية 25) قال قتادة هؤلاء اهل الكتاب عندهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم فانكروها وكفروا من بعد ما تبين لهم الهدى وقال الضحاك هم اهل النفاق (الشيطان سول لهم) قال قتادة أي زين لهم ثم قال تعالى: {وأملى لهم}.
المعنى وأملى الله لهم أي مد الله لهم في اجالهم ملاوة من الدهر كما قال تعالى: {وأملى لهم ان كيدي متين} وقرأ مجاهد {الشيطان سول لهم وأملى لهم} وهذه قراءة حسنة والمعنى وانا املي لهم وحكى الفراء انه قرئ {وأملى لهم} وهي قراءة شيبة وأبي عمرو.
28- ثم قال جل وعز: {ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر} (آية 26) أي في التضافر على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم وقال سفيان يعني الفرائض قال قتادة هم المنافقون.
29- وقوله جل وعز: {أم حسب الذين في قلوبهم مرض ان لن يخرج الله أضغانهم} (آية 29) أي عداوتهم أي يظهروا عداوتهم لأهل الإسلام.
30- ثم قال جل وعز: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول} (آية 30) أي لعرفناكهم يقال قد اريتك كذا أي عرفتكه {فلعرفتهم بسيماهم} أي بعلامتهم.
31- ثم قال تعالى: {ولتعرفنهم في لحن القول} (آية 30) أي فحواه ومعناه كما قال الشاعر:
منطق صائب وتلحن احيانا ** وخير الحديث ما كان لحنا

أي ما لم يصرح به وما عرف بالمعنى ونحوالكلام وقولهم لحن فلان في هذا انما معناه اخذ في ناحية غير الصواب.